رفيع المقام
المدير العام
الجنس : 
عدد المشاركات : 1206
عدد النقاط : 3566
التسجيل : 11/07/2009
 الدولة : السعودية
 المزاج : الحمدلله تمام
الأوسمة
 |  موضوع: كيف تعد خطبة ناجحة ومفيدة متبعآ فيها سنة الرسول صلى الله عليه وسلم؟؟؟  الإثنين يونيو 28, 2010 12:11 pm | |
|
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوة : الحمد لله على نعمة الإسلام و نسأل الله عز وجل أن يزيد الإيمان في قلوبنا و أن يوفقنافي سائر أمورنا و أن يسدد خطانا فإنه سبحانه و تعالى هو السميع المجيب .
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد صلاة يشفع لنا بها يوم الدين يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
ثم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته :
لعل بينكم من هو أعلم مني وأفقه فلا ضير في ذلك والله تعالى يقول :
{ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } [ سورة الذاريات : 55 ] .
و يقول سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم : ( الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها التقطها ) .
فليكن سعينا دائماً في طلب العلم طلباً للأجر من الله سبحانه . و طالب العلم كما تعلمون له أجر عظيم ...
أيها الأخوة : إعداد خطبة ما ، سواء خطبة جمعة أم خطبة عيد، أم خطبة لمناسبة ما .
تبدأ من استعداد الخطيب.هذا الاستعداد الذي يبدأ بتصحيح اللفظ من خلال معرفة : صفات الحروف و مخارجها .
و بالتالي النطق بالكلمة بشكل صحيح و سليم .و الله تعالى ذكر إخراج الكلام من فم الإنسان عطاءً منه سبحانه و فضلاً .
قال تعالى : { وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ. وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ. وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ. فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ } [ سورة الذاريات : 20-23 ] .
{ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍوَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } سورة فصلت
و أشير إلى بعض العيوب التي نجدها عند بعض الخطباء :
كـ ( اللثغ ) : و هو تحول اللسان من حرف إلى حرف ، و ( الفأفأه ) : و هو تكرير حرف الفاء أثناء الكلام ، و ( التمام ) ـ التمتمة ـ : و هو تكرير حرف التاء ، و الأرت : و هو الذي يدغم حرفاً في آخر خطأ ، و السوسوه : و هو قلب الصاد إلى سين ، و التوتوه : و هو قلب الطاء إلى تاء ، و العنعنه : و هو قلب الهمزة إلى عين ، و الجوجوه : و هو قلب القاف إلى ألف أو جيم ، و الكوكوه : و هو قلب القاف إلى كاف ...
و السؤال : هل يمكن التخلص من هذه العيوب ؟
الجواب : نعم و ذلك بالجلوس أمام معلم متقن لمخارج و صفات الحروف يتابع قراءتك و لفظك . و لي في ذلك تجارب ...
ثم كذلك من خلال أخذ كتاب ما و قراءة ما فيه جهراً في أماكن خالية فسيحة .
و الحق أن مثل هذه العيوب إنما هي ناتجة عن البيئة و التربية منذ الطفولة .
و لنقتدي برسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم ففي سنن أبي داود، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت : كان كلام رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم كلاماً فصلاً يفهمه كلُّ مَن يسمعُه.
و استعداد الخطيب كذلك يكون :
1- في حرصه على العلم و الاستزادة من الثقافة و المعرفة و متابعة ما يستجد من علوم .
و فيما روي عن بعض الصحابة قوله : ــ لا خير في يوم طلعت عليّ شمسه لم أزدد فيه علماً ــ .
2- في معايشة الناس و مخالطتهم و معرفة مشاكلهم و ما يتعرضون له ليتحدث من خلال الواقع و ليضع الحلول لكل مشكلة .
و قد ورد : ــ الذي يخالط الناس و يصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس و لا يصبر على أذاهم ــ .
و لهذا قالوا : إن على الفقيه أن يكون له عمل أو حرفة أو تجارة ليعيش أحوال الناس . و يتعرف على مشاكلهم .
و روي في صحيح البخاري ، عن عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال:
ــ حدّثوا الناسَ بما يَعرفون ، أتحِبُّون أن يُكذَّب اللَّهُ و رسولُه صلى اللّه تعالى عليه وسلم؟ ــ .
3- الاستعداد بسعة الأفق و النظرة البعيدة لإسقاط الماضي على الحاضر .
و في الحديث : ( ــ المسلم كَيْسٌ فطن ــ ) .
4- و فوق كل ذلك لك أنت خطيب الجمعة و المناسبات الدينية ، الاستعداد الإيماني و أوله و أسماه الإخلاص في العمل لله تعالى . و فيما يروى أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان قبل صعوده المنبر يدعو بدعاء الإخلاص : ( اللهم إني تبرأت إليك من حولي و قوتي و عملي و علمي ، و التجأت إلى حولك و قوتك و علمك و توفيقك ، فإنك تعلم ولا أعلم و تقدر ولا أقدر وأنت علام الغيوب ) .
و من دعائه عليه الصلاة و السلام : ( اللهم افتح لي أبواب فضلك ، و انشر علي خزائن علمك ، برحمتك يا أرحم الراحمين ) .
و العرب قد وضعوا شروطاً و صفات يجب أن يتحلى بها الخطيب منها :
1- أن يكون فصيح اللسان .
2- جهير الصوت .
3- حاضر البديهة .
4- أن ينطق حروف الكلمات نطقاً صحيحاً سليماً لا خلط فيه .
5- أن تكون الجمل و الألفاظ واضحة الكلمات .
6- معاني الجمل و الألفاظ أن تكون مألوفة للسامعين و لا غموض فيها .
7- أن يكون موضوع الخطبة وحدة متكاملة .
فإذا استوعبت ما سبق فإياك و التقصير في تحضير خطبة ستلقيها .
حتى و لو كانت خطبة مكررة لمناسبة تتكرر .
و احفظ هذين البيتين من الشعر :
حق على من يصعد المنبر أن يترك الفحشاء و المنكر
و يحسن القول الذي قاله و يحسن السر الذي أضمر
أما كيفية تحضير الخطبة ؟
فتابع معي :
بعد أن هيأت نفسك للكتابة وتوجهت إلى الله عز وجل
فكيف تحضر خطبة ؟ أو كيف تكتب خطبة ؟
1- الابتداء بالبسملة والحمد له والصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والتشهد .
بسم الله والحمد لله والصلاة على سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله .
وما ذكرت للتنبيه وهناك عبارات متعددة وحسب موضوع الخطبة والمناسبة وللعلم لابد لخطبة الجمعة خاصة والعيدين من أن تحتوي على آية وحديث أقل ما يكون .
2- ثم الابتداء بآية تناسب الموضوع أو حديث عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أو حادثةأو حكمة أو إشارة تكون كعنوان للخطبة .
3- التنبيه إلى أهمية الموضوع في الإسلام في شرع الله تعالى وأثره في المجتمع الإسلامي أو الإنسان المسلم أو في المجتمع ككل .
4- ترتيب الأفكار التي ستناقشها : ثم تبدأ في عرض الموضوع الذي أعددت له المراجع وانتقيت الأدلة وقد سجلتها على صحيفة أمامك فترتب الأفكار وتنسقها وإياك والتكرار فإنه يؤدي إلى الملل واستشهد على ما تبديه من آراء وشرح للموضوع :
أ- بالأدلة النقلية كآية من كتاب الله تعالى أو حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قول لأحد الصحابة أو آل البيت رضوان الله عنهم أجمعين أو حكمة عن تابعي أو عالم أو إمام أو بيت من الشعر يتناسب مع القصد أو قصة تخدم الموضوع وابتعد عن الإسرائيليات إلا ما كان لا يخالف شرع الله عز وجل لحديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : ( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) .أو أن يكون حديثا ضعيفا أو موضوعاً...
ب- بالأدلة الفعلية مما توصلت إليه من خلال مطالعاتك ولكن ليكن هذا بسلاسة .
ج- بالوقائع كأمر حدث قريبا أو إحصائية موثقة أو خبر صادق أذيع وتحرى الصدق فيما تنقل .وليكن لك إطلاع على مجلة شهرية أو أسبوعية أو صحيفة يومية .
5- والتزم بالوضوح الكامل من خلال العبارات والألفاظ لتفهم عنك من حضر من المثقفين أو العوام وإياك والتنطع في الكلام تريد به أن يقال عنك ما أفهمه وما أعلمه !! فليكن همك إيصال أمر الله تعالى والتحذير مما نهى عنه سبحانه وتعالى والإصلاح ما استطعت .
6- وإياك والعامية وإن قصدت بها إفهام العوام فإنما عليك أن ترفع من معرفتهم اللهم إلا في ضرورات لا بدمنها أحيانا.
7- وأثناء إلقاء الخطبة :
أ- الوقوف: بهيئة تنبئ عن فهم عميق لرسالة المنبر , وابتعد عن نظرة التعالي و الكبر , و التزم بما يحبب الناس بك وإياك و الإسراع في الإلقاء .
ب- النطق: بلغة فصيحة سليمة مع إعراب الكلمات و تحري الابتداء و الوقوف كما سبق و مخارج و صفات الحروف.
ج- الصوت: بما يتناسب مع الكلمة و العبارة من جهر أو خفض,أو استفهام أو تعجب, أو حزن أو سرور أو طلب أو منع ...
د- الحركة: الإشارة باليد أو الإلتفات بالرأس بما لا يخل بآداب الموقف ووقار الكلمات.
هـ- المظهر: السمت الحسن من سنن رسول الله صلى الله عليه و سلم . لذلك فاتخذ ما يليق من اللباس لوقوفك هذا.
و- الإتكاء: و من السنة الإتكاء على شيء ما كالعصا أو طرف المنبر .
8- و حسن الابتداء بدون إطالة و حسن الخاتمة بتركيز و اختصار لهما الأثر الأقوى في النفوس .
9- و الدعاء: شحذ للهمم و شحن لروحانية المستمع وهو يحتاجها فانتبه و أنت تعطيها .
10- و استعن بما ورد من الأدعية في كتاب الله تعالى و في سنن رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم و عن آل البيت و الصحابة الكرام و التابعين و أهل العلم ممن سبقونا بالإيمان. و تذكرأن علماءنا و كبراءنا و أفاضلنا هيؤوا لنا كل ما يفيدنا لدنيانا و آخرتنا رضوان الله عليهم أجمعين .
و أنقل لكم خطبة ذكرت في كتاب الله تعالى
لخطيب الأنبياء نبي الله شعيب عليه السلام .
يمكنك أن تستفيد منها في إنشاء خطبتك
اقرأ من سورة هود الآيات : 84 - 95 و انتبه :
1- انظر التذكير من خلال هذا الأدب الرفيع السامي ، { إني أراكم بخير ... } .
ألا يدفعك لتفكر ألف مرة قبل أن تكيل الاتهامات ... لمن يستمع إليك أو تقسو عليهم
2- و انظر إظهار حبه لقومه و حرصه عليهم ، { و إني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ... } .
3- بل تمعن في النصيحة و الترغيب ، { بقيت الله خير لكم ... } .
4- و بلطف و عطف و محبة ينبههم لأخطائهم و يدعوهم إلى إصلاح مجتمعهم .
5- نعم عندما رفضوا و استكبروا ذكرهم بما آل إليه أمر أمم قد سبقتهم ليتعظوا .
6- ثم دعاهم إلى التوبة و العودة إلى الله و قال لهم : { و ما أنا عليكم بحفيظ } .
7- ثم في النهاية هذا الأدب حتى في التهديد و الوعيد : { سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه } .
{ و ارتقبوا إني معكم رقيب } .
و من خطب رسول الله سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم :
( إن الحمد لله ، أحمده و أستعينه ، نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إن أحسن الحديث كتاب الله تبارك و تعالى قد أفلح من زينه الله في قلبه ، و أدخله في الإسلام بعد الكفر ، و اختاره على ما سواه من أحاديث الناس ، إنه أحسن الحديث و أبلغه, أحبوا ما أحب الله ، أحبوا الله من كل قلوبكم , و لا تملوا كلام الله و ذكره ، و لا تقسو عنه قلوبكم ، فإنه من كل ما يخلق الله يختار ويصطفي وقد سماه الله خيرته من الأعمال و مصطفاه من العباد, والصالح من الحديث , و من كل ما أوتي الناس الحلال و الحرام ، فاعبدوا الله و لا تشركوا به شيئاً , و اتقوه حق تقاته , و أصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم , و تحابوا في الله بينكم إن الله يغضب أن ينكس عهده, و السلام عليكم ) .
فانظر إلى التربية و التوجيه إلى كل خير ، و التزم هذا النهج ففيه نجاح و توفيق الخطيب بإذن الله تعالى .
أمور يجب أن لا تنسى
1- تعظيم الله سبحانه وتعالى عند ذكره بما يليق به المقام .
2- الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كلما ذكر .
3- الترضي على آل البيت والصحابة عند ذكرهم .
4- الترحم على الصالحين عند ذكرهم .
5- لا يجوز رواية آيات الله تعالى بالمعنى .
6- عند ذكر أحاديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أذكر الصحابي راوي الحديث ومصدره إن استطعت وخاصة ما كان في العقيدة والأحكام .
7- ليكن معلوما أن العرب لا يقفون على متحرك ولا يبدؤون بساكن .
8- مراعاة إلقاء الجملة من الكلام من رفع الصوت أو خفضه ومن حركة اليد و الإلتفات يمينا ويساراً حسب ما يؤدي ذلك إلى التأثير ونقل الفكرة إلى المستمعين بدون إفراط .
9- إياك والشتائم والسباب وإن كنت تريد الإشارة إلى أشخاص بتوجيه أو إرشاد فقل ما علمنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم( ما بال أقوام يفعلون كذا و كذا... ) .
10- احذر التكلف بالسجع و التقعر بالكلام والتشدق باللفظ وتذكر أنك على منبر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فلا تقولن إلا الحق ولا يكن همك إلا نشر الخير.
- أهم المراجع –
1- في التفسير :
الجامع لأحكام القرآن الكريم - تفسير القرطبي .
روح المعاني - للآلوسي .
التفسير المنير - للزحيلي .
تفسير آيات الأحكام - للصابوني .
تفسير آيات الأحكام - للسايس .
الدر المنثور - للسيوطي .
مفاتيح الغيب - للرازي .
2- في الحديث :
الترغيب والترهيب - للمنذري .
كنز العمال - لابن حسام الهندي .
رياض الصالحين - للنووي .
صحيح البخاري .
صحيح مسلم .
السنن .
التاج الجامع للأصول - للشيخ منصور علي ناصيف .
3- في الفقه :
الفقه الإسلامي و أدلته - للزحيلي .
فقه السنة - للسيد سابق .
اللباب في شرح الكتاب - للميداني .
4- في السيرة النبوية :
السيرة النبوية - لابن هشام .
السيرة النبوية - لابن كثير .
الروض الأنف - للسهيلي .
خاتم النبيين - محمد أبو زهرة .
الشفا بالتعريف بأحوال المصطفى - للقاضي عياض .
5- في سيرة الصحابة :
أسد الغابة - لابن الأثير .
حياة الصحابة - للكاندهلوي .
صفة الصفوة - لابن الجوزي .
حلية الأولياء - لأبي نعيم الأصبهاني .
أعلام الصحابة - سيف الدين الكاتب .
6- في الرقائق والمواعظ :
إحياء علوم الدين - للغزالي .
موسوعة أخلاق القرآن - للشرباصي .
موسوعة أسماء الله الحسنى - د. النابلسي .
7- في الفكر :
يسألونك في الدين والحياة - للشرباصي .
تاريخ الإسلام - د. حسن إبراهيم حسن .
آيات الله في الإنسان - للنابلسي .
آيات الله في الكون - للنابلسي .
وهنالك من علمائنا المعاصرين الذين أنصحك بقراءة كتبهم :
أبو الأعلى المودودي.
د . شوقي أبو خليل.
د . محمد سعيد رمضان البوطي.
د . محمد وهبة الزحيلي.
د . محمد أبو زهرة.
د . يوسف القرضاوي.
وأسأل الله تعالى لي ولكم التوفيق
والله من وراء القصد .
الشيخ حسن صاري
| |
|
